فصل: فصل (فيما إِذَا كَانَ جِيرَانُهُ أَجَانِبَ وَأَقَارِبُهُ أَبَاعِدَ):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.فصل: صَدَقَاتُ الْبَادِيَةِ:

وَإِنْ كَانَ مَا يُقَسِّمُهُ الْعَامِلُ صَدَقَاتِ بَادِيَةٍ لَا تَضُمُّهُمْ أَمْصَارٌ، فَهَذَا عَلَى ضَرْبَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونُوا مُقِيمِينَ بِمَكَانٍ قَدِ اسْتَوْطَنُوهُ مِنْ بَادِيَتِهِمْ لَا يَظْعَنُونَ عَنْهُ شِتَاءً وَلَا صَيْفًا وَلَا يَنْقُلُونَ عَنْهُ لِمَرْعًى وَلَا كَلَأٍ، فَهَؤُلَاءِ كَأَهْلِ الْمِصْرِ لِاشْتِرَاكِهِمْ فِي الْمُقَامِ، وَإِنِ اخْتَلَفُوا فِي صِفَاتِ الْمَسَاكِنِ؛ فَتَكُونُ صَدَقَاتُهُمْ مَقْسُومَةً فِيمَنْ كَانَ نَازِلًا مَعَهُمْ فِي مَكَانِهِمْ، وَهَلْ يُشْرِكُهُمْ مَنْ كَانَ عَلَى مَسَافَةٍ أَقَلَّ مِنْ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ أَمْ لَا، عَلَى مَا حَكَيْنَاهُ مِنَ الْوَجْهَيْنِ. وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونُوا مِمَّنْ يَنْتَجِعُ الْكَلَأَ وَيَنْتَقِلُ لِطَلَبِ الْمَاءِ وَالْمَرْعَى فَهَذَا عَلَى ضَرْبَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونُوا مُجْتَمِعِينَ لَا يَنْفَصِلُ حَالُ بَعْضِهِمْ مِنْ بَعْضٍ، فَجَمِيعُهُمْ جِيرَانٌ وَإِنْ تَمَيَّزَتْ أَنْسَابُهُمْ فَتُقَسَّمُ الزَّكَاةُ فِي جَمِيعِهِمْ وَفِيمَنْ كَانَ مِنْهُمْ عَلَى مَسَافَةٍ أَقَلَّ مِنْ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ وَإِنْ تَمَيَّزُوا عَنْهُمْ وَجْهًا وَاحِدًا، بِخِلَافِ أَهْلِ الْأَمْصَارِ: لِأَنَّ الْبَادِيَةَ لَمَّا لَمْ تَضُمَّهُمُ الْأَمْصَارُ رُوعِيَ فِي تَجَاوُرِهِمُ الْقُرْبُ وَالْبُعْدُ، فَمَنْ كَانَ مِنْهُمْ عَلَى أَقَلَّ مِنْ مَسَافَةِ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ كَانَ جَارًا لِقُرْبِهِ، وَمَنْ كَانَ عَلَى مَسَافَةِ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ فَصَاعِدًا لَمْ يَكُنْ جَارًا لِبُعْدِهِ. وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ يَتَمَيَّزَ حَالُهُمْ وَتَنْفَصِلَ كُلُّ حَلَّةٍ عَنِ الْأُخْرَى، فَتُقَسَّمُ زَكَاةُ كُلِّ حَلَّةٍ عَنِ الْأُخْرَى فَتُقَسَّمُ زَكَاةُ كُلِّ حِلَّةٍ عَلَى أَهْلِهَا وَعَلَى مَنْ كَانَ مِنْهَا عَلَى أَقَلَّ مِنْ مَسَافَةِ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، هَذَا حُكْمُ الْعَامِلِ إِذَا تَوَلَّى قَسْمَهَا بِنَفْسِهِ فِي الْأَمْصَارِ وَالْبَوَادِي.

.فصل [فيما إِنْ كَانَ رَبُّ الْمَالِ هُوَ الْمُتَوَلِّي لِقَسْمِ زَكَاتِهِ]:

وَإِنْ كَانَ رَبُّ الْمَالِ هُوَ الْمُتَوَلِّي لِقَسْمِ زَكَاتِهِ عَلَى مَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ جَوَازِهِ فِي تَفْضِيلِ حُكْمِ الْمَالِ الظَّاهِرِ وَالْبَاطِنِ، فَلَا يَخْلُو مِنْ أَحَدِ أَمْرَيْنِ: إِمَّا أَنْ يَكُونَ مِنْ أَهْلِ الْأَمْصَارِ أَوْ مِنَ الْبَوَادِي، فَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْأَمْصَارِ لَمْ يَكُنْ مَنْ خَرَجَ عَنْ مِصْرِهِ مِنْ جِيرَانِهِ وَلَا مِنْ مُسْتَحِقِّي زَكَاتِهِ وَجْهًا وَاحِدًا، بِخِلَافِ مَا يُقَسِّمُهُ الْعَامِلُ:
لِأَنَّنَا نُرَاعِي فِيمَا يُقَسِّمُهُ رَبُّ الْمَالِ الْجِوَارَ وَفِيمَا يُقَسِّمُهُ الْعَامِلُ النَّاحِيَةَ، ثُمَّ لَا يَخْلُو حَالُ مِصْرِهِ مِنْ أَحَدِ أَمْرَيْنِ: إِمَّا أَنْ يَكُونَ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا، فَإِنْ كَانَ صَغِيرًا كَانَ جَمِيعُ أَهْلِهِ جِيرَانَهُ، فَإِنْ كَانَ أَهْلُ الصَّدَقَةِ فِيهِ أَجَانِبَ مِنْ رَبِّ الْمَالِ أَوْ جَمِيعُهُمْ أَقَارِبَ لَهُ فَجَمِيعُهُمْ سَوَاءٌ وَلَهُ أَنْ يَدْفَعَ زَكَاةَ مَالِهِ إِلَى مَنْ شَاءَ مِنْهُمْ بَعْدَ أَنْ يُعْطِيَ مِنْ كُلِّ صِنْفٍ ثَلَاثَةً فَصَاعِدًا، وَإِنْ كَانَ بَعْضُهُمْ أَقَارِبَ لِرَبِّ الْمَالِ وَبَعْضُهُمْ أَجَانِبَ مِنْهُ كَانَ أَقَارِبُهُ أَوْلَى بِزَكَاتِهِ مِنَ الْأَجَانِبِ: لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: خَيْرُ الصَّدَقَةِ عَلَى ذِي الرَّحِمِ الْكَاشِحِ، يَعْنِي: الْمُعَادِي وَقَالَ صلى الله عليه وسلم: صَدَقَتُكَ عَلَى غَيْرِ ذِي رَحِمِكَ صَدَقَةٌ، وَعَلَى ذِي رَحِمِكَ صَدَقَةٌ وَصِلَةٌ، فَإِنْ عَدَلَ بِهَا عَنْ أَقَارِبِهِ إِلَى الْأَجَانِبِ فَقَدْ أَسَاءَ وَأَجْزَأَتْهُ: لِأَنَّ تَقْدِيمَ الْأَقَارِبِ مِنِ طَرِيقِ الْأَوْلَى مَعَ اشْتِرَاكِ الْأَقَارِبِ وَالْأَجَانِبِ فِي الِاسْتِحْقَاقِ، وَإِنْ كَانَ الْبَلَدُ كَبِيرًا وَاسِعًا فَقَدِ اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا هَلْ يُرَاعَى فِيهِ الْجِوَارُ الْخَاصُّ وَالْجِوَارُ الْعَامُّ عَلَى وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْمُرَاعَى فِيهِ الْجِوَارُ الْخَاصُّ، فَعَلَى هَذَا يَكُونُ جِيرَانُهُ مَنْ أُضِيفَ إِلَى مَكَانِهِ مِنَ الْبَلَدِ. وَقِيلَ: إِنَّهُمْ إِلَى أَرْبَعِينَ دَارًا مِنْ دَارِهِ وَلَا يَكُونُ جَمِيعُ أَهْلِ الْبَلَدِ جِيرَانَهُ وَهَذَا قَوْلٌ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّهُ يُرَاعَى فِيهِ الْجِوَارُ الْعَامُّ لِقوله تعالى: {وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ} [النِّسَاءِ: آيَةَ 36]، يَعْنِي: الْبَعِيدَ. فَعَلَى هَذَا يَكُونُ جَمِيعُ أَهْلِ الْبَلَدِ جِيرَانَهُ وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ مِنْ قَوْلِ الْبَغْدَادِيِّينَ، فَعَلَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ: إِنْ فَرَّقَهَا فِي غَيْرِ جِيرَانِهِ مِنْ أَهْلِ بَلَدِهِ كَانَ نَاقِلًا لِزَكَاتِهِ عَنْ مَحَلِّهَا وَعَلَى الْوَجْهِ الثَّانِي لَا يَكُونُ نَاقِلًا لَهَا وَهُوَ أَصَحُّ الْوَجْهَيْنِ.

.فصل [فيما إِنْ كَانَ رَبُّ الْمَالِ بَدَوِيًّا في الزكاة]:

وَإِنْ كَانَ رَبُّ الْمَالِ بَدَوِيًّا في الزكاة فَعَلَى ضَرْبَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ فِي حَلَّةٍ قَاطِنًا بِمَكَانِهَا لَا يَظْعَنُ عَنْهَا شِتَاءً وَلَا صَيْفًا، فَهِيَ كَالْبَلَدِ وَجَمِيعُهَا جِيرَانٌ، سَوَاءً صَغُرَتْ أَوْ كَبُرَتْ لِأَنَّهَا لَا تَبْلُغُ، وَإِنْ كَبُرَتْ مَبْلَغَ كِبَارِ الْأَمْصَارِ فَيَخُصُّ مِنْهُمْ أَقَارِبَهُ، فَإِنْ عَدَلَ عَنْهُمْ إِلَى الْأَجَانِبِ أَجْزَأَ وَلَا يَكُونُ مَنْ فَارَقَ الْحَلَّةَ جَارًا، وَإِنْ كَانَ عَلَى مَسَافَةٍ أَقَلَّ مِنْ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ: لِأَنَّ ذَلِكَ جَارٌ لِلْحَلَّةِ وَالْوَاحِدُ مِنَ الْحَلَّةِ جِيرَانُهُ أَهْلُ الْحَلَّةِ، فَبَانَ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا. وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ فِي حَلَّةٍ يَنْجَعُ الْكَلَأَ وَيَظْعَنُ لِطَلَبِ الْمَاءِ وَالْمَرْعَى فَهَذَا عَلَى ضَرْبَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنْ تَكُونَ الْحَلَّةُ مُجْتَمِعَةً لَا يَنْفَصِلُ بَعْضُهَا عَنْ بَعْضٍ فَجَمِيعُ أَهْلِهَا جِيرَانُهُ كَبُرَتْ أَمْ صَغُرَتْ. وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ تَكُونَ مُتَفَرِّقَةً كَتَمَيُّزِ كُلِّ جَمَاعَةٍ مِنْهُمْ عَنْ غَيْرِهِمْ، إِمَّا لِتَمَيُّزِهِمْ فِي الْأَنْسَابِ وَإِمَّا لِتَمَيُّزِهِمْ فِي الْأَسْبَابِ، فَهَذَا عَلَى ضَرْبَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنْ يَخْتَلِفُوا فِي الرَّحِيلِ وَالنُّزُولِ، فَيَكُونُ جِيرَانُهُ مِنَ الْحَلَّةِ مَنْ يَرْحَلُ بِرَحِيلِهِ وَيَنْزِلُ بِنُزُولِهِ وَلَا تَكُونُ الْفِرْقَةُ الَّتِي تُخَالِفُهُ فِي الرَّحِيلِ وَالنُّزُولِ جِيرَانًا لَهُ. وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ يَتَّفِقُوا فِي الرَّحِيلِ وَالنُّزُولِ فَفِيهِ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّ جَمِيعَ الْحَلَّةِ مِنَ الْفِرَقِ كُلِّهَا جِيرَانٌ لَهُ اعْتِبَارًا بِاتِّفَاقِهِمْ فِي النُّجْعَةِ وَإِنْ تَفَرَّقُوا فِي الْبُقْعَةِ كَمَا يَتَفَرَّقُ أَهْلُ الْأَمْصَارِ فِي مَحَالِّهِمْ وَيَكُونُوا جِيرَةً إِذَا جَمَعَهُمُ الْمِصْرُ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّ جِيرَانَهُ مِنْهُمْ مَنْ هُوَ فِي بُقْعَتِهِ دُونَ مَنْ فَارَقَهُ اعْتِبَارًا بِالْمَكَانِ فَعَلَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ إِنْ عَدَلَ بِزَكَاتِهِ إِلَى غَيْرِ طَائِفَتِهِ مِنْ فِرَقِ الْحَلَّةِ لَمْ يَكُنْ نَاقِلًا لَهَا، وَعَلَى الْوَجْهِ الثَّانِي يَكُونُ نَاقِلًا لَهَا.

.مسألة: إِذَا وَلِيَ الرَّجُلُ إِخْرَاجَ زَكَاةِ مَالِهِ قَسَّمَهَا عَلَى قَرَابَتِهِ وَجِيرَانِهِ مَعًا:

قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَإِذَا وَلِيَ الرَّجُلُ إِخْرَاجَ زَكَاةِ مَالِهِ قَسَّمَهَا عَلَى قَرَابَتِهِ وَجِيرَانِهِ مَعًا، فَإِنْ ضَاقَتْ فَآثَرَ قَرَابَتَهُ فَحَسَنٌ.
قال الْمَاوَرْدِيُّ: وَإِنْ كَانَ لِرَبِّ الْمَالِ أَقَارِبٌ، فَلَا يَخْلُو أَنْ يَكُونُوا جِيرَانًا أَوْ أَبَاعِدَ، فَإِنْ كَانَ أَقَارِبُهُ جِيرَانًا فَلَا يَخْلُو أَنْ يَكُونَ مَعَهُمْ أَجَانِبُ أَمْ لَا، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُمْ أَجَانِبُ فَقَدِ اسْتَحَقُّوا زَكَاةَ مَالِهِ بِالْجِوَارِ وَحَازَ الْفَضِيلَةَ بِالْقَرَابَةِ، وَإِنْ كَانَ مَعَهُمْ أَجَانِبُ فَعَلَى ضَرْبَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنْ تَسَعَ زَكَاتُهُ لِلْأَقَارِبِ وَالْأَجَانِبِ فَيَفُضَّهَا عَلَى الْفَرِيقَيْنِ: وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ تَضِيقَ زَكَاتُهُ عَنِ الْفَرِيقَيْنِ فَأَقَارِبُهُ أَوْلَى بِزَكَاتِهِ مِنَ الْأَجَانِبِ، لَكِنِ اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا هَلِ الْأَفْضَلُ أَنْ يَخْلِطَ بِأَقَارِبِهِ نَفَرًا مِنَ الْأَجَانِبِ أَوْ يَتَوَفَّرَ بِهَا عَلَى أَقَارِبِهِ، عَلَى وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنْ يَتَوَفَّرَ بِهَا عَلَى أَقَارِبِهِ لِلْخَبَرِ الْمُتَقَدِّمِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّ الْأَوْلَى أَنْ يَخْلِطَ بِهِمْ نَفَرًا مِنَ الْأَجَانِبِ لِقوله تعالى: {أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ يَتِيمًا ذَا مَقْرَبَةٍ أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ} [الْبَلَدِ: 14، 15، 16]، فَجَمَعَ بَيْنَ الْقَرِيبِ وَالْبَعِيدِ فِي اسْتِحْقَاقِ الثَّنَاءِ.

.فصل [فيما إِذَا كَانَ جِيرَانُهُ أَجَانِبَ وَأَقَارِبُهُ أَبَاعِدَ]:

فَأَمَّا إِذَا كَانَ جِيرَانُهُ أَجَانِبَ وَأَقَارِبُهُ أَبَاعِدَ، فَجِيرَانُهُ الْأَجَانِبُ أَوْلَى بِزَكَاتِهِ مِنْ أَقَارِبِهِ الْأَبَاعِدِ، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: أَقَارِبُهُ الْأَبَاعِدُ أَوْلَى مِنْ جِيرَانِهِ الْأَجَانِبِ: لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: لَا يَقْبَلُ اللَّهُ صَدَقَةَ امْرِئٍ وَذُو رَحِمِهِ مُحْتَاجٌ، وَلِأَنَّ اجْتِمَاعَهُمْ فِي النَّسَبِ صِفَةٌ لَازِمَةٌ وَاجْتِمَاعُهُمْ فِي الْجِوَارِ صِفَةٌ زَائِلَةٌ، وَلِأَنَّ النَّفَقَةَ لَمَّا وَجَبَتْ بِالنَّسَبِ دُونَ الْجِوَارِ كَانَ النَّسَبُ فِي الزَّكَاةِ أَوْلَى مِنِ اعْتِبَارِ الْجِوَارِ. وَدَلِيلُنَا عُمُومُ قوله تعالى: {وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى...} الْآيَةَ، وَعُمُومُ قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: الْجَارُ أَحَقُّ بِسَقَبِهِ أَيْ بِقُرْبِهِ، وَلِأَنَّهُ لَمَّا تَمَيَّزَ الْأَقَارِبُ بِوُجُوبِ النَّفَقَةِ تَمَيَّزَ الْجِيرَانُ بِاسْتِحْقَاقِ الزَّكَوَاتِ، وَلِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ جِيرَانُهُ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ أَوْلَى مِنْ زَكَاتِهِ مِنْ أَقَارِبِهِ فِي دَارِ الْحَرْبِ كَانَ جِيرَانُهُ فِي بَلَدِهِ أَوْلَى بِهَا مِنْ أَقَارِبِهِ فِي غَيْرِ بَلَدِهِ. وَتَحْرِيرُهُ قِيَاسًا أَنَّ قُرْبَ الدَّارِ أَحَقُّ بِالزَّكَاةِ مِنْ قُرْبِ النَّسَبِ قِيَاسًا عَلَى دَارِ الْحَرْبِ، فَأَمَّا الْخَبَرُ فَمَحْمُولٌ عَلَى أَحَدِ وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا: عَلَى صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ. وَالثَّانِي: عَلَى ذِي الرَّحِمِ الَّذِي يَجِبُ نَفَقَتُهُ، فَأَمَّا الِاعْتِبَارُ لِلُزُومِ الصِّفَةِ فِي النَّسَبِ دُونَ الْجِوَارِ فَفَاسِدٌ بِالشُّفْعَةِ حَيْثُ رُوعِيَ فِيهَا الْجِوَارُ دُونَ النَّسَبِ، وَأَمَّا الِاسْتِدْلَالُ بِوُجُوبِ النَّفَقَةِ بِالنَّسَبِ دُونَ الْجِوَارِ فَهُوَ أَحَقُّ أَنْ يَكُونَ دَلِيلًا عَلَيْهِمْ لِتَمَيُّزِ مُسْتَحِقِّي النَّفَقَةِ عَنْ مُسْتَحِقِّي الزَّكَاةِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

.مسألة [في أفضلية دفع الزكاة إلى الغير لتقسيمها على أهلها]:

قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَأَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ يُوَلِّيَهَا غَيْرَهُ: المزكي في صرف الزكاة لِأَنَّهُ الْمُحَاسَبُ عَلَيْهَا وَالْمَسْئُولُ عَنْهَا وَأَنَّهُ عَلَى يَقِينٍ مِنْ نَفْسِهِ وَفِي شَكٍّ مِنْ فِعْلِ غَيْرِهِ.
قال الْمَاوَرْدِيُّ: وَكَذَلِكَ دَفْعُهَا إِلَى الْإِمَامِ أَوْلَى مِنِ اسْتِنَابَةِ الْوَكِيلِ فِيهَا الزكاة: لِأَنَّهَا تَسْقُطُ عَنْهُ بِقَبْضِ الْإِمَامِ لَهَا وَلَا تَسْقُطُ عَنْهُ بِقَبْضِ وَكِيلِهِ لَهَا، فَأَمَّا رَبُّ الْمَالِ وَالْإِمَامُ فَإِنْ كَانَ الْمَالُ ظَاهِرًا فَدَفْعُ زَكَاتِهِ إِلَى الْإِمَامِ أَوْلَى مِنْ تَفَرُّدِ رَبِّ الْمَالِ بِإِخْرَاجِهَا عَلَى قَوْلَيْهِ فِي الْقَدِيمِ وَالْجَدِيدِ لَكِنَّهَا عَلَى الْقَدِيمِ مِنْ طَرِيقِ الِاسْتِحْقَاقِ، وَعَلَى الْجَدِيدِ مِنْ طَرِيقِ الْأَوْلَى. وَإِنْ كَانَ الْمَالُ بَاطِنًا فَفِيهِ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ سُرَيْجٍ وَأَبِي إِسْحَاقَ: أَنَّ دَفْعَهَا إِلَى الْإِمَامِ أَوْلَى وَتَفَرُّدَ رَبِّ الْمَالِ بِإِخْرَاجِهَا: لِأَنَّ الْإِمَامَ يَعُمُّ بِهَا جَمِيعَ أَهْلِ السُّهْمَانِ إِذَا انْضَمَّتْ إِلَى غَيْرِهَا، وَرَبُّ الْمَالِ يَخُصُّ بِهَا بَعْضَهُمْ، وَلِأَنَّ رَبَّ الْمَالِ إِذَا دَفَعَهَا خَطَأً إِلَى غَيْرِ مُسْتَحِقٍّ لَمْ يَسْقُطْ فَرْضُهَا عَنْهُ، وَلَوْ دَفَعَهَا الْإِمَامُ خَطَأً إِلَى غَيْرِ مُسْتَحِقٍّ سَقَطَ فَرْضُهَا عَنْهُ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّ رَبَّ الْمَالِ أَوْلَى بِإِخْرَاجِهَا مِنْ دَفْعِهَا إِلَى الْإِمَامِ: لِأَنَّ مَا بَاشَرَهُ مَعَ عِبَادَاتِهِ كَانَ أَفْضَلَ مِمَّا عَوَّلَ فِيهِ عَلَى غَيْرِهِ، وَلِأَنَّهُ أَوْسَعُ اجْتِهَادًا فِي مُسْتَحِقِّي زَكَاتِهِ مِنَ الْإِمَامِ، وَلِأَنَّهُ أَعْرَفُ مِنْهُ بِأَقَارِبِهِ وَذَوِي رَحِمِهِ.

.مسألة: أَقَلُّ مَنْ يُعْطَى مِنْ أَهْلِ السُّهُمِ ثَلَاثَةٌ:

قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَأَقَلُّ مَنْ يُعْطَى مِنْ أَهْلِ السُّهُمِ ثَلَاثَةٌ: لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى ذَكَرَ كُلَّ صِنْفِ جَمَاعَةٍ، فَإِنْ أَعْطَى اثْنَيْنِ وَهُوَ يَجِدُ الثَّالِثَ ضَمِنَ ثُلُثَ سَهْمٍ، وَإِنْ أَخْرَجَهُ إِلَى غَيْرِ بَلَدِهِ لَمْ يَبِنْ لِيَ أَنَّ عَلَيْهِ إِعَادَةً: لِأَنَّهُ أَعْطَى أَهْلَهُ بِالِاسْمِ وَإِنْ تَرَكَ الْجِوَارَ.
قال الْمَاوَرْدِيُّ: اعْلَمْ أَنَّ قَسْمَ الصَّدَقَةِ يَخْتَلِفُ فِيهَا حَالُ الْعَامِلِ وَحَالُ رَبِّ الْمَالِ مِنْ وَجْهَيْنِ: أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ: أَنَّ عَلَى الْعَامِلِ فِيمَا يُقَسِّمُهُ أَنْ يَعُمَّ بِهِ جَمِيعَ أَهْلِ السُّهْمَانِ، وَيَجُوزُ لِرَبِّ الْمَالِ أَنْ يَقْتَصِرَ فِي كُلِّ صِنْفٍ عَلَى ثَلَاثَةٍ فَصَاعِدًا وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا قَدْ ذَكَرْنَاهُ وَهُوَ أَنَّ الْعَامِلَ يُقَسِّمُ جَمِيعَ الصَّدَقَاتِ، فَلَزِمَهُ أَنْ يَعُمَّ بِهَا جَمِيعَ أَهْلِ السُّهْمَانِ وَرَبُّ الْمَالِ يُقَسِّمُ بَعْضَ الصَّدَقَاتِ، فَجَازَ أَنْ يَقْتَصِرَ عَلَى بَعْضِ أَهْلِ السُّهْمَانِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّ عَلَى الْعَامِلِ أَنْ يُقَسِّمَ سَهْمَ كُلِّ صِنْفٍ عَلَى قَدْرِ حَاجَاتِهِمْ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُسَاوِيَ بَيْنَهُمْ مَعَ تَفَاضُلِهِمْ فِي الْحَاجَةِ وَلَا أَنْ يُفَاضِلَ بَيْنَهُمْ مَعَ تَسَاوِيهِمْ فِي الْحَاجَةِ، وَرَبُّ الْمَالِ يُقَسِّمُ ذَلِكَ عَلَى خِيَارِهِ مَعَ تَسْوِيَةٍ وَتَفْضِيلٍ وَلَا يَلْزَمُهُ أَنْ يُقَسِّمَهُ بَيْنَهُمْ عَلَى قَدْرِ الْحَاجَةِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْعَامِلَ لَمَّا لَزِمَهُ أَنْ يَعُمَّ جَمِيعَ أَهْلِ السُّهْمَانِ لَزِمَهُ التَّسْوِيَةُ بَيْنَهُمْ بِحَسَبِ الْحَاجَةِ، وَرَبُّ الْمَالِ لَمَّا لَمْ يَلْزَمْهُ أَنْ يَعُمَّ جَمِيعَ أَهْلِ السُّهْمَانِ لَمْ يَلْزَمْهُ التَّسْوِيَةُ بَيْنَهُمْ بِحَسَبِ الْحَاجَةِ وَكَانَ عَلَى خِيَارِهِ فِي قَدْرِ الْعَطَاءِ كَمَا كَانَ عَلَى خِيَارِهِ فِي تَمَيُّزِ الْعَطَاءِ، فَإِذَا ثَبَتَ الْفَرْقُ بَيْنَ هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ فَقَدْ مَضَى الْكَلَامُ فِيمَا يَتَوَلَّاهُ الْعَامِلُ، فَأَمَّا رَبُّ الْمَالِ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَقْتَصِرَ مِنَ الصِّنْفِ الْوَاحِدِ عَلَى أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثَةٍ إِذَا وُجِدُوا: لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى ذَكَرَ كُلَّ صِنْفٍ بِلَفْظِ الْجَمْعِ الْمُطْلَقِ وَقَالَ: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ} [التَّوْبَةِ: آيَةَ 160] وَأَقَلُّ الْجَمْعِ ثَلَاثَةٌ فَرْقًا بَيْنَ الْجَمْعِ وَالتَّثْنِيَةِ، أَمَّا الْجَمْعُ بَيْنَ الْأَصْنَافِ كُلِّهِمْ فَيَسْتَوِي فِيهِ الْعَامِلُ وَرَبُّ الْمَالِ، فَلَا يَجُوزُ لِرَبِّ الْمَالِ أَنْ يُخِلَّ بِصِنْفٍ مِنْهُمْ إِذَا قَدَرَ عَلَيْهِ فِي بَلَدِهِ كَالْعَامِلِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ أَلَّا يَلْزَمَهُ اسْتِيعَابُ كُلِّ صِنْفٍ، بِخِلَافِ الْعَامِلِ: لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى جَعَلَ كُلَّ زَكَاةٍ لِجَمِيعِ الْأَصْنَافِ وَلَمْ يَجْعَلْهَا لِجَمِيعِ كُلِّ صِنْفٍ. فَإِذَا تَقَرَّرَ أَنَّ الْوَاجِبَ عَلَيْهِ أَنْ يُعْطِيَ ثَلَاثَةً مِنْ كُلِّ صِنْفٍ كَانَ بِالْخِيَارِ بَيْنَ التَّسْوِيَةِ بَيْنَهُمْ وَالتَّفْضِيلِ اعْتِبَارًا بِالْحَاجَةِ، فَأَيُّ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ فَعَلَ أَجَزَأَهُ، فَإِنْ قَسَّمَهَا عَلَى اثْنَيْنِ مَعَ وُجُودِ الثَّالِثِ ضَمِنَ حِصَّةَ الثَّالِثِ، وَفِي قَدْرِ مَا ضَمِنَهُ قَوْلَانِ: أَحَدُهُمَا: ثُلُثُ ذَلِكَ السَّهْمِ وَهُوَ الْمَنْصُوصُ عَلَيْهِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ اعْتِبَارًا بِالتَّسْوِيَةِ عِنْدَ تَرْكِ الِاجْتِهَادِ فِي التَّفْضِيلِ. وَالْقَوْلُ الثَّانِي: يَضْمَنُ أَقَلَّ مَا يُجْزِئُ اعْتِبَارًا بِمَا جُعِلَ مِنَ الْخِيَارِ، واللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.

.مسألة: إِنْ أَعْطَى قَرَابَتَهُ مِنَ السُّهْمَانِ مِمَّنْ لَا تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ:

قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَإِنْ أَعْطَى قَرَابَتَهُ مِنَ السُّهْمَانِ مِمَّنْ لَا تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ كَانَ أَحَقَّ بِهَا مِنَ الْبَعِيدِ مِنْهُ وَذَلِكَ أَنَّهُ يَعْلَمُ مِنْ قَرَابَتِهِ أَكْثَرَ مِمَّا يَعْلَمُ مِنْ غَيْرِهِمْ، وَكَذَلِكَ خَاصَّتُهُ وَمَنْ لَا تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ مِنْ قَرَابَتِهِ مَا عَدَا وَلَدَهُ وَوَالِدَهُ وَلَا يُعْطَى وَلَدُ الْوَلَدِ صَغِيرًا وَلَا كَبِيرًا زَمِنًا وَلَا أَخًا وَلَا جَدًّا وَلَا جَدَّةً زَمِنَيْنِ وَيُعْطِيهِمْ غَيْرَ زَمْنَى: لِأَنَّهُ لَا تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُمْ إِلَّا زَمْنَى.
قال الْمَاوَرْدِيُّ: قَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ أَقَارِبَ صَاحِبِ الْمَالِ مِنْ مَنَاسِبِهِ وَذَوِي رَحِمِهِ أَوْلَى بِزَكَاةِ مَالِهِ مِنَ الْأَجَانِبِ، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَهُمْ ضَرْبَانِ: ضَرْبٌ تَجِبُ نَفَقَاتُهُمْ وَضَرْبٌ لَا تَجِبُ. فَأَمَّا مَنْ تَجِبُ نَفَقَتُهُ بِفَقْرِهِ وَزَمَانَتِهِ مِنْ أَقَارِبِهِ فَهُمُ الْوَالِدُونَ وَالْمَوْلُودُونَ، فَالْوَالِدُونَ الْآبَاءُ وَالْأُمَّهَاتُ وَالْأَجْدَادُ وَالْجَدَّاتُ مِنْ قِبَلِ الْآبَاءِ وَالْأُمَّهَاتِ. وَأَمَّا الْمَوْلُودُونَ فَالْبَنُونَ وَالْبَنَاتُ وَبَنُو الْبَنِينَ وَبَنُو الْبَنَاتِ. وَأَمَّا مَنْ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ نَفَقَتُهُمْ فَهُمْ مَنْ عَدَا مَنْ ذَكَرْنَا مِنَ الْإِخْوَةِ وَالْأَخَوَاتِ وَالْأَعْمَامِ وَالْعَمَّاتِ وَالْأَخْوَالِ وَالْخَالَاتِ وَمَنِ اتَّصَلَ بِهِمْ مِنْ أَبْنَائِهِمْ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: تَجِبُ نَفَقَةُ كُلِّ ذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ وَالْكَلَامُ عَلَيْهِ فِي كِتَابِ النَّفَقَاتِ، فَإِذَا كَانَ الْأَقَارِبُ مِمَّنْ تَجِبُ نَفَقَاتُهُمْ كَانُوا أَوْلَى بِالزَّكَاةِ مِنَ الْأَجَانِبِ الْبُعَدَاءِ، سَوَاءً كَانَ يَتَطَوَّعُ بِالنَّفَقَةِ عَلَيْهِمْ أَمْ لَا. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: إِنْ تَطَوَّعَ بِالنَّفَقَةِ عَلَيْهِمْ صَارُوا فِي تَحْرِيمِ الزَّكَاةِ كَمَنْ تَجِبُ نَفَقَتُهُمْ. وَهَذَا خَطَأٌ لِأَنَّ لَهُ قَطْعَ مَا تَطَّوَّعَ بِهِ مِنَ النَّفَقَةِ فَلَمْ تَحْرُمْ عَلَيْهِمُ الصَّدَقَةُ كَتَطَوُّعِهِ بِنَفَقَاتِ الْأَجَانِبِ.